هل تحب الفيزياء!!

هل تحب الفيزياء؟

نعم، جدا !!

لماذا؟

أحس بروعة ومتعة كبيرة وأنا أستكشف الطبيعة من حولي.

وكيف تستكشف الطبيعة؟

أنا أصلا من هواة الرحلات، وأحب خاصة الرحلات في أعماق الطبيعة عبر الصحارى والبحار وفوق الجبال وفي الأدغال. وأستمتع بملاحظة ودراسة كل ما أرى وأسمع.

وما هو الرابط بين هذا وبين الفيزياء؟

كل ظاهرة طبيعية أو علمية أو حدث إنما يرتبط أساسا بعلم الفيزياء، ولا يمكن تفسيره دون العودة إلى الأساس الفيزيائي للظاهرة.

وأين الكيمياء والأحياء والجيولوجيا..

نعم، لكنها كلها في الأساس تعود إلى الأصل الفيزيائي وتبني عليه.

هل توضح ذلك؟

تغوص الفيزياء في سبرهل للطبيعة ابتداء من الجاهري الذي نراه بأعيننا إلى المجهري الذي لا نراه ولا يمكن أن نراه مباشرة. فالفيزياء اليوم تبحث في الكواركات وهي الجسيمات الأولية التي يتكون منها البروتون والنيوترون وهما كما لا يخفى الجسيمات الأساسية في تكوين المادة ككل وهكذا فالفيزياء تدرس لبنات الوجود المادي برمته. وبهذه اللبنات تبنى الطبيعة بكل أشكالها ومظاهرها من الذرة إلى المجرة مرورا بالفيروس والإنسان والجبال والأرض والشمس والنجوم.

بهذا إذن لا داعي لأي من العلوم الأخرى!!

كلا فالعلوم الأخرى تبحث في ظواهر محددة في الحياة اليومية، لكنها عندما تعود للأسس فلابد لها من الفيزياء.

وهل من مثال على ذلك

خذ مثلا علم الكيمياء الذي بني في معظم فروعه على الجدول الدوري للعناصر والذي وضع أساسا بناء على العدد الذري لكل عنصر (أي عدد البروتونات في نواته). وهو يصنف الصفات الفيزيائية لكل ذرة (حسب توزيع الإلكترونات في مداراتها) وهذه بدورهاالتي تحدد طبيعة الروابط التي يمكن أن تنشأ بين هذه الذرات وهنا يدخل علم الكيمياء ليدرس ويبين خواص المادة المتكونة من ارتباط ذرتين متماثلتين أو مختلفتين..

وهل ينتهي دور الفيزياء عندئذ؟

في الحقيقة كلا ، فكثير من هذه الصفات التي يدرسها علم الكيمياء هي صفات فيزيائية مثل الصلابة والكثافة والموصلية الحرارية والكهربائية والقابلية المغناطيسية…

وماذا بقي للكيمياء

الكثير؛ سلوك الجزيئات ونشاطها وإمكانيات تفاعلاتها وغير ذلك كثير من الأمور تتركها الفيزياء لعلم الكيمياء الذي هو بحر بحد ذاته.

لا أدري ولكن حديثك أشعرني بالملل من علم الفيزياء وكنت أظنه علم المتعة والمرح فإذا هو علم ليس فيه سوى الدراسة والخصائص والتصنيف . .

على العكس؛ فهذه كلها لا تأتي إلا كنتائج. والمتعة الكبرى تكون في الاستكشاف.

كيف؟ مثلا . .

مثلا .. دعنا نطرح بعض الأسئلة:

لماذا تدور الأرض حول الشمس؟

لماذا تسقط الأشياء للأسفل؟

لماذا تتوهج المواد عند تسخينها؟

كيف يتكون المطر والضباب؟

ما هو الضوء وكيف نرى الأشياء من حولنا؟

كيف يحدث كسوف الشمس وخسوف القمر؟

مهلا مهلا ؛ هذه كلها أسئلة جميلة. ولكن كيف يستطيع شخص بمفرده الإجابة عليها؟

لا يجب على شخص بمفرده الإجابة عليها، بل إن هذه أسئلة احتاجت إلى عمل مجموعات كبيرة من البشر حتى تم التوصل لإجابات لها. وهناك الكثير من الأسئلة الأخرى التي لم تتم إجابتها حتى الآن.

إذن فعمل علم الفيزياء يبدأ بطرح الأسئلة!

في الحقيقة كان طرح الأسئلة هو المنشئ الأساسي للعلم. وطرح الأسئلة حول العمليات والظواهر التي تثير الإنسان أو تؤثر عليه فيما حوله في الطبيعة هو الذي أنشأ علم الفيزياء .

لكن بعض الأسئلة صعب الإجابة.

بفضل جهود الأجيال الكثيرة من الباحثين والعلماء أصبح هناك إجابات لكثير من هذه الأسئلة وغيرها. لكن المثير أيضا أن هذه الإجابات تفتح لمزيد من الأسئلة.

ويكون فضول الإنسان لمعرفة ما وراء الأكمة هو الدافع للبحث المستمر عن إجابات للأسئلة الجديدة.

تماما. وهكذا يتقدم الإنسان في سبر أغوار الطبيعة من حوله وهكذا يزيد شعور الإنسان بمحدوديته وجهله بأسرار هذا الكون وحاجته إلى مزيد من العلم والاستكشاف.

وهذا هو مصدر جمال علم الفيزياء.. أننا نستطيع أخيرا فهم واستيعاب وتسخير الطبيعة لخدمتنا وخدمة كافة بني البشر.

وفي سباقه المحموم اللانهائي يكتشف مدى ثبات القاعدة الأزلية: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.

محمد عوض الله



unriyo