أجواء كوكب الزهرة
كوكب الزهرة
يدور كوكب الزهرة حول الشمس 225 يوما على بعد معدله 108 ملايين كم. ويمكنه الاقتراب من الأرض حتى مسافة 40 مليون كم ليكون أقرب إليها من أي كوكب آخر. من حيث الحجم فقطره يصغر قطر الأرض فقط بمقدار650 كم، وهو بوجه عام توأم للأرض حيث أن قطره حوالي 12.000 كم، لكن لمعان الزهرة في السماء لا يعود لقربة منا أو حجمه فقط، فالسبب الرئيسي هو الغلاف الكثيف من الغيوم التي تحيط به، والتي تعكس 76% من الضوء الساقط عليها. والتي بالرغم من جعلها الزهرة جميلا متألقا فوجودها منع الفلكين تماما من رؤية سطح الكوكب. يظهر الزهرة من خلال التلسكوب ككرة بليارد بيضاء تتقلب في أطوار كأطوار القمر خلال دورانها حول الشمس والدورة الكاملة لهذه الأطوار تستغرق زمنا أطول من زمن إتمام المدار. ولأن الأرض والزهرة يتحركان نسبة لبعضها في دورة كل منهما حول الشمس والفترة للزهرة هي 584 يوما وعندما يكون هلالا فإنه يكون قريبا بمافية الكفاية للأرض الأمر الذي يمكننا من مشاهدة الصورة باستخدام منظار عادي ويدعي بعض الناس أنهم رواة كهلال بالعين المجردة.
كوكب متألق
يظهر الكوكب في قمة لمعانة عندما يكون 28% من قرصه المقابل لنا مضاء. وهذا يكون في افضل اقتران له مع الأرض من حيث المسافة والطور. ويمكن لقدر الزهرة أن يصل لغاية -4.4 أي حوالي سبعة أضعاف قدر الكوكب الأكثر لمعانا وهو المشتري، وكونه لامعا لهذا الحد، فإن الزهرة يمكن مشاهدته بأفضل شكل في سماء صافية. أما العلامات الأكثر غموضا فهي تلك التي تبينها التلسكوبات من الأرض في جو الزهرة، حيث ترى بعض الظلال في قرص وغالبا ما تبدو الغيوم أكثر تألقا عند الأقطاب تحيط بها وقد تظهر حواف المناطق المتألقة غير منتظمة ليس بسبب اختلاف الارتفاعات التي تصل إليها الغيوم بقدر ما هي الغيوم بسبب تفاوتها في التألق. إن سبب هذه التأثيرات هو الدورة اللولبية للسحب حول الزهرة والتي تتحرك من خط الاستواء إلى القطبين، ولم يتم التحقق من هذا إلا من خلال الصور التي أرسلتها مجسات الفضاء. ولعدم قدرة علماء الفضاء على رؤية سطح كوكب الزهرة بسبب الغلاف الكثيف من الغيوم، فقد استطاعوا فقط تخمين فترة دوران الزهرة حول نفسه، وكان تخمينهم خاطئا، فكما في حالة عطارد كشفت أرصاد الرادار الحقيقة المدهشة، فقد تبين أن كوكب الزهرة يدور حول محوره من الشرق إلى الغرب أي بعكس الأرض والكواكب الأخرى، ودورته بطيئة جدا، حيث تستغرق 243 يوما، فهي أطول من الفترة التي يستغرقها للدوران حول الشمس وهي 225 يوما. ومع ذلك فغيومه تدور كل 4 أيام من الشرق إلى الغرب نتيجة للرياح السريعة جدا في طبقات غلافه العليا. وقبل فترة المجسات الفضائية، تعددت النظريات حول طبيعة سطح الكوكب، فحيث أن الزهرة مماثل للأرض من حيث الحجم، فقد كان الميل للاعتقاد بأن الظروف هناك قد تكون شبيهة بظروف الأرض، ومن الآراء الطريفة أن الزهرة تمثل كوكبنا عندما كان في العصر الكربوني حيث الفوارات الساخنة وحتى الديناصورات. ويقترح بعض الفلكيين بأن الكوكب كان مغطى بالماء بينما تخيله الآخرون عالما صحراويا قاحلا، لكن أيا من النظريات لم تعط تصورا قريبا من الظروف السائدة على الزهرة.
جو يشبه الجحيم
لماذا يجب أن يكون الزهرة حارا جدا، بل أشد حرارة من سطح عطارد المواجه للشمس، على الرغم من أن غيومه تعكس أكثر من ثلاثة أرباع ضوء الشمس القادم إليها. إن الجواب يمكن فيما يطلق علية تأثير البيت الزجاجي. فحوالي 1% من ضوء الشمس القادم ينفد إلى سطح الكوكب حسبما سجل المجس السوفيتي فينس 8 وحيث أن الجو قاتم هناك كما في يوم شتائي شديد التلبد بالغيوم على سطح الأرض، فإن سطح الكوكب يمتص الضوء النافذ ويعيد اشعاعة بطول موجة أكبر(ضمن الأمواج تحت الحمراء). ورغم أن ثاني أكسيد الكربون شفاف للضوء المرئي، ألا أنه يحتجز الأشعة تحت الحمراء، وبما أن الأشعة تحت الحمراء هي طاقة حرارية، فهي ترفع درجة حرارة الغلاف الجوي بأكثر من المتوقع. ويحتوي الغلاف الجوي الأرضي ثاني أكسيد الكربون، إلا أن الأرض تختزنه في الصخور كما في الحجر الجيري، وبينما تقارب الأرض الزهرة في كمية ثاني أكسيد الكربون فإن الزهرة تحوي قدرا أقل بكثير من المياه من الأرض، وعلى أي حال فمهما كانت كمية المياه في الزهرة أصلا فقد ضاع معظمها في التبخر وفقد في الفضاء. وبقي أثر قليل من بخار الماء لكنة يكفي لتعزيز تأثير ثاني أكسيد الكربون في ظاهرة البيت الزجاجي في غلاف الزهرة. وتأتى مساهمة أخرى في ظاهرة البيت الزجاجي من غيوم الزهرة. فهذه لا تتكون من بخار الماء كما في الغيوم في جو الأرض بل من حامض الكبريتيك بتركيز 80 %، أي أقوى من تركيزه في بطارية السيارة. ويمتص حامض الكبريتيك أيضا الأشعة تحت الحمراء. وباجتماع هذه العوامل الثلاثة معا: ثاني أكسيد الكربون ، بخار الماء وحامض الكبريتيك المركز تحول الزهرة إلى مصيدة شمسية حقيقة. وتضيف الغيوم مزيدا من وحشة إلى جو الزهرة، فمنها تهطل زخات من مطر حامض الكبريتيك المركز الساخن، وبذلك وبالرغم من اسمها الشاعري، فإن الزهرة تمثل تجسيدا للجحيم