في الذكرى الخمسين للهبوط على القمر

البداية

لم تكن رحلة أبوللو 11 إلى القمر هي الرحلة الأولى المأهولة، فقد سبقتها رحلات أبوللو 7- 10 التي حملت روادا إلى مدار حول القمر. فقد بدأت الأعمال التحضيرية لبرنامج أبولو قبل فترة طويلة من إرسال البعثات المأهولة. وكانت أول هذه الرحلات التجريبية في أكتوبر 1961 لتجربة صاروخ ساتورن 1، واستمرت هذه الاختبارات حتى سبتمبر 1964. وتلى تلك الاختبارات إطلاق ثلاثة صواريخ من نوع ساتورن 1 لتجربة إطلاق نماذج لوحدة القيادة لبرنامج أبولو. كما تمت تجربة اثنتين من منصات تجارب النجاة من نظام الإطلاق في الفترة بين 1963 و 1965 في منصة إطلاق الصواريخ في، نيو ميكسيكو.

وكانت رحلات أبولو 4 و5 و6 هي المهمات الوحيدة غير المأهولة التي شمل اسمها رسمياً على اسم البرنامج بدلاً من الرقم التسلسلي. وتعتبر أبولو 4 أول رحلة تجريبية لساتورن 5 حيث بدأت الاختبارات يوم 9 نوفمبر 1967، وتم اختبار الصاروخ تطبيقآً لاستراتيجية مدير ناسا آنذك جورج مولر والتي تعتمد على تجربة الصاروخ كوحدة واحدة بدلا من تجربة كل مرحلة على حدة كما كان متبعاً في ذلك الوقت.

ثم جاءت المهمات مأهولة، حيث كانت كل بعثة مأهولة تضم ثلاثة رواد فضاء: قائد وطيار وحدة القيادة وطيار الكبسولة القمرية. وفي حالة هبوط على سطح القمر يقوم القائد وطيار الوحدة القمرية بالنزول على القمر بينما يلازم طيار وحدة القيادة وحدته في المدار القمري. وتعتبر مهمة أبولو 7 والتي أطلقت في 11 أكتوبر 1968 أول بعثة مأهولة في برنامج أبولو. وهدفت المهمة التي استمرت لمدة 11 يوماً والتي تضمنت التحليق في مدار حول الأرض لاختبار نظام دعم الحياة للرواد ضمن اختبار وحدة القيادة التي تمت إعادة تصميمها خصيصاً لمهمة أبولو. وكانت هذه المهمة هي الأولى للصاروخ ساتورن 1ب والأولى التي تضم ثلاثة رواد فضاء في تاريخ الولايات المتحدة.

وبحلول صيف عام 1968 أصبح من الواضح أن الوحدة القمرية لن تكون متاحة بكامل طاقتها لبعثة أبولو 8. وعلى الرغم من ذلك اختار المسؤولون إرسال أبولو 8 في رحلة حول القمر بدلا من أداء المهمة البسيطة التي تدور فيها حول الأرض. وبين 21 ديسمبر 1968 و 18 مايو 1969 أطلقت وكالة ناسا ثلاث بعثات هي أبولو 8 و 9 و 10 باستخدام مركبة الإطلاق ساتورن 5. وتكون طاقم كل بعثة من ثلاثة رواد فضاء، وشملت أبولو 9 و 10 على وحدات العمليات القمرية على الرغم من أنه لم يكن الغرض من هذه البعثات الهبوط على سطح القمر.

وحدة أبولو القمرية على سطح القمر

إلى سطح القمر

ثم جاءت رحلة أبولو 11 وهي رحلة الفضاء التي هبطت لأول مرة على سطح القمر. وتكون طاقم الرحلة من القائد نيل أرمسترونغ وطيار الوحدة القمري بز ألدرين، وقائد وحدة القيادة كولومبيا مايكل كولينز. وهبط طاقم العمليات القمري بالمركبة ايجل (النسر) في يوم 20 يوليو 1969 ، الساعة 20:17 بالتوقيت العالمي. وأصبح نيل آرمسترونغ أول إنسان يخطو على سطح القمر، بعد ست ساعات و 39 دقيقة أي في الساعة 02:56 بالتوقيت العالمي يوم 21 يوليو ؛ وانضم إليه بز الدرين بعد 19 دقيقة. وقد تم بث الخطوة الأولى لارمسترونج على سطح القمر على الهواء مباشرة إلى جمهور عالمي. حيث وصف أرمسترونج هذا الحدث بأنه “خطوة صغيرة لرجل ، قفزة عملاقة للبشرية.”

وقد أمضى الرائدان حوالي ساعتين وربع الساعة معًا خارج المركبة الفضائية، وجمعا 21.5 كغم من قطع الصخور والتربة القمرية للعودة بها إلى الأرض. وبينما كان الرائدان على سطح القمر، لبث قائد وحدة القيادة مايكل كولينز وحده في المركبة كولومبيا في المدار حول القمر. وفي المجمل، أمضى أرمسترونج وألدرين 21 ساعة و 31 دقيقة على سطح القمر في موقع أطلق عليه اسم قاعدة الهدوء، قبل أن يعودا للانضمام إلى المركبة كولومبيا في المدار القمري.

المركبة

تكونت المركبة الفضائية أبوللو من ثلاث وحدات: وحدة القيادة وتم تصميمها في مركبات أبوللو بشكل مخروطي، وتحمل الوحدة ثلاثة رواد فضاء يقبعون فيها منذ إطلاق المركبة إلى القمر حتى رجوعها للأرض وسقوطها في البحر. وتضم الوحدة صواريخ دفع ونفق إرساء ونظام قيادة وملاحة. ويتصل بهذه الوحدة، وحدة الخدمات التي تضم نظام الدفع وخلايا الوقود والطاقة الكهربائية ، وخزانات الأكسجين ، والماء وهوائي الاتصال بالقيادة الأرضية. ولاحقا حملت وحدة الخدمات في أبولو 15 و16 و17 حزمة المعدات العلمية. وتبقى الوحدتان متصلتان طوال الرحلة حتى قبل الدخول في المجال الأرضي حيث يتم التخلص من وحدة الخدمات وذلك لعدم توفر درع حراري يحميها من الاحتكاك بالغلاف الجوي. وبعد دخول وحدة القيادة للمجال الجوي يتم إطلاق مظلات تقوم بإبطاء الوحدة قبل سقوطها في المحيط. ثم وحدة القمر التي كانت على مرحلتين – مرحلة الهبوط للهبوط على سطح القمر ، ومرحلة الصعود بمركبة النسر لإعادة ووضع رواد الفضاء في المدار القمري.

وتم إطلاق أبوللو 11 بواسطة الصاروخ ساتورن 5 من مركز كينيدي للفضاء في جزيرة ميريت بفلوريدا ، في 16 يوليو 1969 في تمام الساعة 13:32 بالتوقيت العالمي ، وكانت هذه خامس مهمة لطاقم برنامج أبولو. وبعد انتهاء المرحلة الثالثة للصاروخ قام رواد الفضاء بفصل المركبة الفضائية عنه وسافروا لثلاثة أيام حتى دخلوا المدار القمري. ثم تم انتقال ارمسترونغ وألدرين إلى النسر وهبطا في بحر الهدوء. واستخدم رائدا الفضاء مرحلة صعود النسر للإقلاع من سطح القمر والانضمام إلى كولينز في وحدة القيادة. وقد قاموا بعدها بالتخلي عن مركبة النسر قبل أن يقوموا بالمناورات التي دفعت كولومبيا من آخر مداراتها الثلاثين حول القمر إلى مسار يعود إلى الأرض. وقد عادوا إلى الأرض ونزلوا على سطح المحيط الهادئ في 24 يوليو بعد أكثر من ثمانية أيام في الفضاء.

ما بعد أبوللو 11

وشملت الرحلة التالية أبوللو 12 عملية ناجحة للهبوط على القمر، بينما واجهت مهمة أبولو 13 عددا من المشاكل التي أدت إلى إلغاء محاولة الهبوط على القمر وعودة طاقم المركبة للأرض بأعجوبة، وسط متابعة تلفزيونية مباشرة رافقتها دعوات وصلوات الملايين حول العالم. وتلاها بعد ذلك أربع بعثات هي أبولو (14 – 17) والتي اشتملت على عمليات هبوط على القمر بنجاح. وضمت المهمات الثلاث الأخيرة من هذه البعثات استخدام العربة القمرية. وتعتبر أبولو 17 والتي أطلقت في 7 ديسمبر 1972 آخر بعثات أبولو إلى القمر. وكان قائد هذه البعثة يوجين سيرنان آخر شخص غادر سطح القمر. عاد طاقم المركبة سالماً إلى الأرض في 19 ديسمبر 1972.

 

رائد فضاء هاريسون شميت يوم 13 ديسمبر عام 1972 خلال مهمة أبولو 17، وكانت آخر بعثة للهبوط على سطح القمر حتى الآن..
وحدة القيادة والخدمات في المدار حول القمر

 

 

 



unriyo