القصور الذاتي – 1
يظهر أن هذه الطريقة هي أرخص طرق السياحة وأبسطها ! وكل ما نحتاجه هو التحليق فوق سطح الأرض والبقاء في الجو ولو لدقائق قليلة وسوف نجد بعد هبوطنا أننا في مكان مختلف تماما عن المكان الأول وبعيدا عنه باتجاه الغرب. وعوضا عن السفر المتعب عبر الأراضي والمحيطات يمكن التعلق بسكون فوق الأرض والانتظار قليلا حتى تضع الأرض المكان المطلوب تحت قدمي السائح. ولكن للأسف ليست هذه الطريقة المدهشة سوى بدعة من الخيال. فقبل كل شئ أننا عندما نرتفع في الهواء لانكون في الواقع منفصلين عن الأرض بعد لأننا نبقى مرتبطين بغلافها الغازي ومعلقين بجوها الذي يساهم بدوره في حركة دوران الأرض حول محورها.
إن الهواء( وبالأحرى طبقاته السفلي الأكثر كثافة) يدور مع الأرض ويجعل كافة الأشياء الواقعة ضمنه مثل الغيوم والطائرات والطيور والحشرات الطائرة.. وغيرها تدور هي الأخرى مع الأرض. ولو كان الهواء لا يشارك الأرض في دورانها لكنا نشعر عند وقوفنا على الأرض بر ياح عاتية تكون أقوى العواصف الهوجاء بالنسبة أليها بمثابة نسمات خفيفة . إن الأمر لا يختلف أبدا سواء كنا نقف في مكاننا والهواء يتحرك بقربنا أم كان الهواء ساكنا وكنا نتحرك فيه لأننا في كلتا الحالتين نشعر بنفس قوة الرياح. إن راكب الدراجة النارية المنطلقة بسرعة 100 كم/ساعة يشعر برياح قوية جدا حتى عندما يكون الجو هادئا تماما. وبعد ذلك فإننا حتى لو تمكنا من الارتفاع إلى أعلى طبقات الجو أو إذا كانت الأرض غير محاطة بالهواء بتاتا لما كان في استطاعتنا والحالة هذه أن نستخدم تلك الطريقة السياحية الرخيصة التي تخيلها سيرانودى برجراك.
وفي الواقع عندما نبتعد عن سطح الأرض الدوارة فإننا بدافع القصور الذاتي نستمر في حركتنا بنفس السرعة السابقة أي بنفس السرعة التي تدور بها الأرض الواقعة تحتنا. وحينما نهبط إلى الأرض ثانية نجد أنفسنا في نفس المكان الذي كنا قد انفصلنا عنه سابقا وهذه الحالة مشابهة تماما لتلك الحالة التي نقوم فيها بقفزة داخل عربة قطار متحرك حيث نقع على أرض العربة في نفس المكان الذي قفزنا منة. ولكننا في الواقع سنتحرك إلى الأمام بدافع القصور الذاتي (على المماس) أما الأرض الواقعة تحتنا فستتحرك على القوس. ولكن عندما تكون الفترات الزمنية قصيرة لا يصبح لهذا الأمر أي تأثير يذكر على جوهر المسألة.
من كتاب : الفيزياء المسلية